تقرير/ صلاح سيف/
يتكبد القطاع التجاري في اليمن والمستوردون على وجه الخصوص 800 مليون دولارسنويا وذلك فقط كفوارق أسعار الشحن إلى ميناء عدن مقارنة بالمواني المجاورة , حيث يدفع كل تاجر يمني يشحن بضائعه إلى ميناء عدن من موانئ العالم المختلفة ( من الف الي ألف وخمس مئة) دولار فارق سعر أجور الشحن عن كل حاوية بسبب رفع الشركات الملاحية الدولية لأجور الشحن القادمة إلى ميناء عدن بسبب ارتفاع رسوم التامين البحري على السفن المتجه إلى المواني اليمنية نظرا لتدهور الأوضاع الأمنية وارتفاع الرسوم المينائية المختلفة من رسوم مناولة وخدمات وارتفاع نسبة المخاطر والإضرابات العمالية المتكررة في ميناء عدن , الأمر الذي ساهم في تدهور سمعة الميناء الدولية التي أكتسبها خلال منتصف القرن الماضي .
ارتفاع أجور الشحن
رجل الاعمال اليمني أمجد العنتري قال في حديثة لــ” المركز العربي للإعلام الاقتصادي) أن هناك قوى خفية تقف خلف افتعال الاضرابات العمالية المتكررة في محطة كالتكس للحاويات بميناء عدن والتي تسببت في إغلاق الميناء أكثر من عشر مرات خلال عامين وفي ومواسم الاعياد ( ذروة النشاط التجاري) في اليمن في سيناريو معد سلفا من قبل قوى خفية لا نعلمها ,”مضيف” لذا عندما نشحن بضائعنا من مواني الدول الأجنبية إلى ميناء عدن لا نعلم هل ستصل بضائعنا إلى الميناء وهو مفتوح أم مغلق وبالتالي فمثل هذه الأزمات والإضرابات المفتعلة في الميناء وبشكل متواصل تكبد التجار نفقات إضافية في أجور الشحن حيث يدفع كل تاجر 1500دولار على كل حاوية لشركات الملاحة الدولية كفارق سعر في اجور الشحن فقط إلى ميناء عدن مقارنة بأسعار الشحن إلى المواني المجاورة في المنطقة كميناء دبي أوجدة بسبب هذه الاضرابات والاحتجاجات المتكررة في ميناء عدن ويضطر التاجر على إضافتها هذه التكاليف على تكلفة السلعة ويتحمل المواطن البسيط الذي يشتري السلعة بسعر زائد عن سعرها الحقيقي .
وأشار رجل الأعمال أمجد العنتري أن الإضرابات المتكررة والمفتعلة بشكل متواصل من قبل العمال في ميناء عدن أفقدت الميناء سمعته الدولية وأدت إلى تراجع نسبة الانتاج في مناولة الحاويات من 500ألف حاوية عام 2008م – إلى180ألف حاوية عام 2011م و260ألف حاوية عام 2013م , وهذا الامر يعد كارثة بالنسبة للدولة ومؤسسة الميناء التي تحرم من عوائد مالية ضخمة بسبب توقف نشاطه وقيام بعض الخطوط الملاحية الكبيرة بنقل خطوطها ونشاطها من ميناء عدن إلى مواني أخرى مجاورة كميناء جيبوتي ودبي وجدة وبالتالي يتكبد التجار خسائر مالية كبيرة مقابل نفقات إعادة وأجور نقل إضافية لبضائعهم من تلك المواني حتى تصل إلى مخازنهم في عدن او محافظات يمنية أخرى .
موضحا بأن الشركات الملاحة الدولية ليس لها علاقات بالمشاكل والإضرابات العمالية في ميناء عدن فهي لديها جداول شحن لسفنها وبواخرها وبالتالي فالإضرابات العمالية تعطل جداول أعمال هذه الشركات المحسوبة بالدقيقة و أي إعاقة لأعمالها تجبر هذه الشركات على إضافة تكاليف وأعباء مالية إضافية على التاجر اليمني وتضع خط أحمر على ميناء عدن لا يمكن لتلك الشركات الملاحية أن تعود إليه ثانية نظرا للمشاكل الموجودة فيه .
وطالب رجل الاعمال أمجد العنتري الحكومة ممثلة بوزارة النقل وقيادة الميناء بحلحلة هذه الأزمات المفتعلة ووضع حلول جذرية لها بما يضمن عدم تكرراها والعمل بجدية ومسئولية وطنية نابعة من الحرص على الموارد الاقتصادية للبلد والعمل الدؤوب بإخلاص وطني لتحسين سمعة الميناء التي شوهت في الثلاث السنوات الاخيرة .
جوهر المشكلة
و يرى رجل الاعمال سالم السعدي أن مشكلة الاضرابات العمالية المتكررة في ميناء عدن هي ازمات مفتعلة من بعض القوى التي تسعى لتدمير ميناء عدن , ويعتقد السعدي أن الاشكالية الأساسية التي وقعت فيها إدارة ميناء عدن هو التعاقد مع عمال وموظفين للعمل بالأجر اليومي ولمدة تتجاوز العشر السنوات إلى خمسة عشر سنة دون أن تقوم إدارات الميناء المتعاقبة خلال السنوات الماضية بوضع حلول عملية لمشكلة العمال الذين يعملون بالأجر اليومي.
“مضيفا” أنه لا يوجد أي عامل أو موظف في أي ميناء بالعالم يعمل بالأجر اليومي لأكثر من عشر سنوات دون وضع حلول لأوضاعهم الوظيفية و تسويتها بتثبيتهم , كون استمرار العمال بالعمل بالأجر اليومي لأكثر من عقد من الزمن فيه انتهاك ومصادرة لحقوق العامل المشروعة وهذا يمثل جزء رئيسي في مشكلة الاضرابات .
وأشار السعدي ان هناك مطالب غير مشروعة تم رفعها من قبل العمال مثل مطالبتهم بالحصول على نسبة 40% من الإيرادات الخاصة بالميناء وهذا شئ لا يقبله العقل والمنطق , “مضيفا” هذه موارد سيادية خاصة بالدولة لا يمكن أن يكون العامل او الموظف شريكا فيها, وطالب السعدي الحكومة اليمنية بمعالجة المطالب المشروعة للعمال دون تأخير كون إغلاق الميناء عند كل عمليات إضراب تكبد الخزينة العامة للدولة والقطاع الخاص ملايين والدولارات.
تذبذب الحركة التجارية
رجل الاعمال عبدالله جازم أكد في حديثه لـ “المركز العربي للإعلام الاقتصادي ” قائلا: لا يمكن عزل الحركة التجارية في عدن عن المشاكل الأمنية التي تعاني منها اليمن إضافة إلى مشاكل الاضرابات العمالية المتكررة في ميناء عدن والتي تسبب في إغلاق الشريان الرئيسي للحركة التجارية والنشاط الاقتصادي في اليمن عامة وعدن خاصة أكثر من عشر مرات خلال العامين الماضيين بسبب مطالب عمالية لها بداية وليس لها نهاية وهو ما ادى إلى رفض الخطوط الملاحية الدولية التوجه إلى ميناء عدن لأسباب منها أمنية وأخرى مرتبطة بالإضرابات العمالية المستمرة والتي ادت إلى توقف نشاط الميناء وإغلاقه مرات عدة وهو ما دفع بشركات التأمين إلى رفع التامين على السفن بشكل جنوني , واضطرت بسببها شركات الملاحة الدولية بنقل خطوطها الملاحية إلي ميناء جيبوتي , الأمر الذي اضاف أعباء وتكاليف نقل إضافية لإعادة شحن البضائع مرة أخرى من ميناء جيبوتي إلى ميناء عدن , وبالتالي فالتاجر مجبرا على إضافة تلك التكاليف إلى سعر السلعة ويتحملها المواطن البسيط الذي يجبر على شراء بسعر مضاعف على ثمنها الحقيقي من قوت يومه .
وأشار جازم إلى أن بعض التجار أجبروا باللجوء إلى التهريب كون عملية التهريب أصبحت اسهل بكثير من المرور عبر المنافذ الرسمية وبأسعار زهيدة من أجل تجنيب السلعة اعباء إضافية اخرى كرسوم خدمات الميناء والجمارك وغيرها من الرسوم غير الشرعية والتعقيدات التي يفتعلها بعض المسئولين في المنافذ الرسمية البحرية والبرية.
وأضاف رجل الأعمال عبدالله جازم أن الحركة التجارية في عدن هذه الأيام تعاني من التذبذب بين الارتفاع والهبوط نظرا للأوضاع الغير مستقرة الأمر الذي أثار مخاوف رجال المال والأعمال وأجبرتهم على التراجع عن استثمار أي أموال إضافية في عدن كون الوضع الحالي أصبح طارد للاستثمار أكثر من أي وقت مضى.
معظم التجار نقلوا استثماراتهم الي خارج البلد
ويؤكد رجل الأعمال رشاد عبده علي قائد أن احتكار نقل البضائع في مكتب واحد وتكرار الاضرابات في ميناء عدن من أهم الكوارث التي تعرض لها التجار في عدن وأصابت الحركة التجارية في عدن خاصة واليمن عامة بالشلل التام إضافة عمليات الابتزاز التي يتعرض لها التجار في المنافذ الجمركية سواء في المواني او النافذ البرية وهو دفع معظم التجار إلى نقل استثماراتهم إلى الخارج بحثا عن فرص استثمارية أمنة في دول توفر كل التسهيلات الممكنة للمستثمرين من أجل استقطاب الاستثمارات الخارجية لتحسين مستواها الاقتصادي ورفع مستوى دخلها القومي وهي مميزات غائبة ومفقودة في اليمن , مشيرا إلى لجوء بعض التجار إلى التهريب نتيجة الظروف القسرية التي فرضت عليهم , نظرا للتسهيلات المتوفرة للمهربين بحيث تصل السلعة إلى مخازن التاجر بأسعار تصل إلى اقل من النصف وبطريقة أكثر أمنا من عملية مرورها عبر المنافذ الرسمية في ظل الأوضاع غير الطبيعية التي تعاني منها بلادنا , وغياب أي بوادر أو مؤشرات لعملية إصلاح حقيقي وجاد في الوقت الراهن
مشيرا إلى أن بقاء الأوضاع على ما هي عليه اليوم دون وجود أي توجهات حكومية جديدة وصادقة لمعالجة الإختلالات القائمة في المواني والمنافذ الجمركية ومكافحة ظاهرة التهريب لإعادة الثقة لرأس الوطني فإن ذلك سيدفع بمن تبقى من رجال الاعمال اليمنيين إلى نقل جميع استثماراتهم إلى الخارج .
“لافتا” إلى أن الآلاف من رجال المال و الاعمال اليمنيين المنتشرين في مختلف دول العالم على استعداد كامل في العودة للاستثمار في وطنهم في حال لمسوا توجهات حكومية جادة على أرض الوقع وذلك يتطلب إرادة سياسية جديدة وصادقة لإصلاح الأوضاع والاختلالات القائمة من خلال اتخاذ عدد من الاجراءات والتدابير الحازمة والرادعة تجاه العابثين باقتصاد الوطن إضافة إلى إصلاح بعض الاختلالات والتعارض في بعض القوانين وتداخل الصلاحيات بين بعض الجهات الحكومية وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار.
إفلاس عشرات التجار
إبراهيم دادية عضو الغرفة التجارية والصناعية بمحافظة عدن قال في تصريح لـ”للمركز العربي للإعلام الاقتصادي أن أكثر من ثلاثين تاجر تعرض للإفلاس النهائي نتيجة الاضرابات الأخيرة في مطلع أكتوبر الماضي التي حصلت في ميناء عدن حيث تعرضت بضائعهم للتلف وهي راسية في الميناء دون تفريغ خاصة تلك البضائع الحساسة مثل اللحوم المعلبة وبضائع وبعض المشروبات والأدوية …الخ من السلع والبضائع الحساسة التي تحتاج إلى التبريد والحفظ في درجة حرارة معينة إضافة إلى البضائع الأخرى الخاصة بموسم العيد والتي ظلت راسية في الميناء دون تفريغ ومر موسمها وهي الميناء في الوقت الذي ظل التاجر صاحب البضاعة مقيدا بالتزامات وشيكات مالية للمكاتب التجارية في الصين (ثمن البضاعة أجل ) إلى ثالث أيام العيد حتى جاءت فترة الوفاء بالالتزامات المالية للتجار وبضائعهم مازالت عالقة في الميناء دون تفريغ ولم تباع في موسمها وبالتالي تباع في الموسم القادمة بربع ثمنها بسبب قدم موديلها وهو ما تسبب في إفلاس العشرات من التجار نتيجة لهذه الاضرابات الأمر الذي تسبب في تكبيد لاقتصاد الوطني خسائر فادحة.
ودعى إبراهيم دادية قيادة مؤسسة مواني خليج عدن إلى إعادة تأهيل محطة الحاويات في ميناء المعلأ و صيانتها و إعادتها للخدمة كون بقائها خارج الخدمة يعد جريمة بحق الاقتصاد الذي يخسر ملايين الدولارات نتيجة هذه الاعطال .